کد مطلب:90491 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:427
سَبَقَ[5] فِی الْعُلُوِّ فَلاَ شَیْ ءَ أَعْلی مِنْهُ، وَ قَرُبَ فِی الدُّنُوِّ فَلاَ شَیْ ءَ أَقْرَبُ مِنْهُ، فَلاَ اسْتِعْلاَؤُهُ بَاعَدَهُ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَ لاَ قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ[6] فِی الْمَكَانِ بِهِ. لَمْ یُطْلِعِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ[7] الْعُقُولَ عَلی تَحْدِیدِ صِفَتِهِ، وَ لَمْ یَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِهِ، فَهُوَ الَّذی تَشْهَدُ لَهُ أَعْلاَمُ الْوُجُودِ عَلی إِقْرَارِ قَلْبِ ذِی[8] الْجُحُودِ. تَعَالَی اللَّهُ عَمَّا یَقُولُ الْمُشَبِّهُونَ بِهِ وَ الْجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً كَبیراً. إِنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَعْرِفَتُهُ، وَ أَصْلُ مَعْرِفَتِهِ تَوْحیدُهُ، وَ نِظَامُ تَوْحیدِهِ نَفْیُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ الْعُقُولِ أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ وَ مَوْصُوفٍ[9] مَخْلُوقٌ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ أَنَّ لَهُ خَالِقاً لَیْسَ بِصِفَةٍ وَ لاَ مَوْصُوفٍ[10]، وَ شَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ وَ مَوْصُوفٍ بِالاِقْتِرَانِ، وَ شَهَادَةِ الاِقْتِرَانِ بِالْحُدُوثِ، من: الحمد للّه إلی: كبیرا ورد فی خطب الشریف الرضی تحت الرقم 49. [صفحه 93] وَ شَهَادَةِ الْحُدُوثِ بِالاِمْتِنَاعِ مِنَ الأَزَلِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْحُدُوثِ[11]. فَلَیْسَ اللَّهَ عَرَفَ مَنْ عَرَّفَ ذَاتَهُ[12]، وَ[13] مَا وَحَّدَهُ وَ لاَ بِهِ صَدَّقَ[14] مَنْ كَیَّفَهُ، وَ لاَ حَقیقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ[15]، وَ لاَ إِیَّاهُ عَنی مَنْ شَبَّهَهُ [ وَ ] حَدَّهُ، وَ لاَ لَهُ وَحَّدَ مَنِ اكْتَنَهَهُ، وَ لاَ بِهِ آمَنَ مَنْ نَهَّاهُ، وَ لاَ لَهُ تَذَلَّلَ مَنْ بَعَّضَهُ[16]، وَ لاَ صَمَدَهُ[17] مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ وَ تَوَهَّمَهُ. كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ، وَ كُلُّ قَائِمٍ فی سِوَاهُ مَعْلُولٌ[18]. شَائِی الأَشْیَاءَ لاَ بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لاَ بِخَدیعَةٍ، فِی الأَشْیَاءِ كُلِّهَا غَیْرَ مُتَمَازِجٍ بِهَا، وَ لاَ بَایِنٍ مِنْهَا. بِصُنْعِ اللَّهِ یُسْتَدَلُّ عَلَیْهِ، وَ بِالْعُقُولِ تُعْتَقَدُ مَعْرِفَتُهُ، وَ بِالْفِكْرَةِ تَثْبُتُ حُجَّتُهُ، وَ بِآیَاتِهِ احْتَجَّ عَلی خَلْقِهِ. خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی الْخَلْقَ فَعَلَّقَ حِجَاباً بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ، فَمُبَایَنَتُهُ إِیَّاهُمْ مُفَارَقَتُهُ إِنِّیَّتَهُمْ، وَ إِیدَاؤُهُ إِیَّاهُمْ شَاهِدُ عَلی أَنْ لاَ أَدَاةَ فیهِ، لِشَهَادَةِ الأَدَوَاتِ بِفَاقَةِ الْمُؤَدَّیْنَ، وَ ابْتِدَاؤُهُ إِیَّاهُمْ دَلیلٌ عَلی أَنْ لاَ ابْتِدَاءَ لَهُ، لِعَجْزِ كُلِّ مُبْتَدَإٍ مِنْهُمْ عَنْ إِبْدَاءِ غَیْرِهِ. أَسْمَاؤُهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی تَعْبیرٌ، وَ أَفْعَالُهُ تَفْهیمٌ، وَ ذَاتُهُ حَقیقَةٌ، وَ كُنْهُهُ تَفْرِقَةٌ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ. قَدْ جَهِلَ اللَّهَ تَعَالی مَنِ اسْتَوْصَفَهُ[19]، وَ تَعَدَّاهُ مَنْ مَثَّلَهُ[20]، وَ أَخْطَأَهُ مَنِ اكْتَنَهَهُ. فَمَنْ قَالَ: « أَیْنَ؟ » فَقَدْ بَوَّأَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « فیمَ؟ » فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « إِلامَ؟ » فَقَدْ نَهَّاهُ، وَ مَنْ [صفحه 94] قَالَ: « لِمَ؟ » فَقَدْ عَلَّلَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « كَیْفَ؟ » فَقَدْ شَبَّهَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « مَتی؟ »[21] فَقَدْ وَقَّتَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « حَتَّی » فَقَدْ غَیَّاهُ، وَ مَنْ غَیَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ وَصَفَهُ، وَ مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ أَلْحَدَ فیهِ، وَ مَنْ بَعَّضَهُ فَقَدْ عَدَلَ عَنْهُ. لاَ یَتَغَیَّرُ اللَّهُ تَعَالی بِتَغْییرِ الْمَخْلُوقِ، كَمَا لاَ یَتَحَدَّدُ بِتَحْدیدِ الْمَحْدُودِ[22]. أَحَدٌ لاَ بِتَأُویلِ عَدَدٍ، صَمَدٌ لاَ بِتَبْعیضِ بَدَدٍ، بَاطِنٌ لاَ بِمُدَاخَلَةٍ، ظَاهِرٌ لاَ بِتَأْویلِ الْمُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لاَ بِاسْتِهْلاَلِ رُؤْیَةٍ[23]، فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَابِ آلَةٍ[24]، مُقَدِّرٌ لاَ بِجَوْلِ فِكْرَةٍ، غَنِیٌّ لاَ بِاسْتِفَادَةٍ، مُدَبِّرٌ لاَ بِحَرَكَةٍ، مُریدٌ لاَ بِعَزیمَةٍ، مُدْرِكٌ لاَ بَحَاسَّةٍ، سَمیعٌ لاَ بِآلَةٍ، بَصیرٌ لاَ بِأَدَاةٍ، قَریبٌ لاَ بِمُدَانَاةٍ، بَعیدٌ لاَ بِمَسَافَةٍ، لَطیفٌ لاَ بِتَجَسُّمٍ، مَوْجُودٌ لاَ بَعْدَ عَدَمٍ. لاَ تَحْویهِ[25] الأَمَاكِنُ، وَ لاَ تَصْحَبُهُ الأَوْقَاتُ، وَ لاَ تَرْفِدُهُ[26] الأَدَوَاتُ، وَ لاَ تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ، وَ لاَ تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ. ثَبَتَ لَهُ مَعْنَی الرُّبُوبِیَّةِ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَ حَقیقَةُ الأُلُوهِیَّةِ إِذْ لاَ مَأْلُوهٌ، وَ مَعْنَی الْعِلْمِ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَ مَعْنَی الْخَالِقِ إِذْ لاَ مَخْلُوقٌ، وَ تَأْویلُ السَّمْعِ إِذْ لاَ مَسْمُوعٌ، وَ وُجُوبُ الْقُدْرَةِ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ عَلَیْهِ[27]. سَبَقَ الأَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَ الْعَدَمَ وُجُودُهُ، وَ الاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ[28]. بِتَشْعیرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَ بِتَجْهیرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ، وَ بِإِنْشَائِهِ الْبَرَایَا عُرِفَ أَنْ لاَ مَنْشَأَ لَهُ، وَ بِخَلْقِهِ الأَشْیَاءَ [ عُرِفَ ] أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ[29]، وَ بِمُضَادَّتِهِ بَیْنَ الأُمُورِ [صفحه 95] الْمُتَضَادَّةِ[30] عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَیْنَ الأَشْیَاءِ الْمُقْتَرِنَةِ[31] عُرِفَ أَنْ لاَ قَرین لَهُ. ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَ الْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ، وَ الْجُمُودَ[32] بِالْبَلَلِ، وَ الْخَشِنَ بِاللّینِ[33]، وَ الْحَرُورَ[34] بِالصَّرْدِ، مُؤَلِّفٌ بَیْنَ مُتَعَادِیَاتِهَا، مُقَارِنٌ[35] بَیْنَ مُتَبَایِنَاتِهَا، مُقَرِّبٌ بَیْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَیْنَ مُتَدَانِیَاتِهَا. دَالَّةٌ بِتَفْریقِهَا عَلی مُفَرِّقِهَا، وَ بِتَأْلیفِهَا عَلی مُؤَلِّفِهَا، وَ ذلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقْنَا زَوْجَیْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[36] شَاهِدَةٌ بِغَرَائِزِهَا أَنْ لاَ غَریزَةَ لِمُغْرِزِهَا، دَالَّةٌ بِتَفَاوُتِهَا أَنْ لاَ تَفَاوُتَ فی مُفَاوِتِهَا، مُخْبِرَةٌ بِتَوْقیتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا، حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِیُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا. جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ دَلاَئِلَ عَلی رُبُوبِیَّتِهِ، وَ شَوَاهِدَ عَلی غَیْبَتِهِ، وَ نَوَاطِقَ عَلی حِكْمَتِهِ، إِذْ یَنْطِقُ تَكَوُّنُهُنَّ عَلی حَدَثِهِنَّ، وَ یُخْبِرْنَ بِوُجُودِهِنَّ عَنْ عَدَمِهِنَّ، وَ یُنْبِئْنَ بِتَنَقُّلِهِنَّ عَنْ زَوَالِهِنَّ، وَ یُعْلِنَّ بِأُفُولِهِنَّ أَنْ لاَ أُفُولَ لِخَالِقِهِنَّ. لَیْسَ مُذْ خَلَقَ الْخَلْقَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْخَالِقِ، وَ لاَ بِإِحْدَاثِهِ الْبَرَایَا اسْتَحَقَّ اسْمَ الْبَارِئِ[37]. فَرَّقَهَا لاَ مِنْ شَیْ ءٍ، وَ أَلَّفَهَا لاَ بِشَیْ ءٍ، وَ قَدَّرَهَا لاَ بِاهْتِمَامٍ. لاَ تَقَعُ الأَوْهَامُ عَلی كُنْهِهِ، وَ لاَ تُحیطُ الأَفْهَامُ بِذَاتِهِ[38]. لاَ یُشْمَلُ بِحَدٍّ، وَ لاَ یُحْسَبُ بِعَدٍّ، وَ لاَ تُوَقِّتُهُ « مَتی »، وَ لاَ تُغَیِّبُهُ « مُذْ »، وَ لاَ تُدْنیهِ « قَدْ »، وَ لاَ تَحْجُبُهُ « لَعَلَّ »، وَ لاَ تُقَارِنُهُ « مَعَ »، وَ لاَ تَشْتَمِلُهُ « هُوَ »[39]. [صفحه 96] وَ إِنَّمَا تَحُدُّ الأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا، وَ تُشیرُ الآلاَتُ إِلی نَظَائِرِهَا، وَ فِی الأَشْیَاءِ تُوجَدُ أَفْعَالُهَا، وَ عَنِ الْفَاقَةِ تُخْبِرُ الأَدَوَاتُ، وَ عَنِ الضِّدِّ یُخْبِرُ التَّضَادُّ، وَ إِلی شِبْهِهِ یَؤُولُ الشَّبیهُ، وَ مَعَ الأَحْدَاثِ أَوْقَاتُهَا، وَ بِالأَسْمَاءِ تَفْتَرِقُ صِفَاتُهَا، وَ مِنْهَا فَصَلَتْ قَرَائِنُهَا، وَ إِلَیْهَا آلَتْ أَحْدَاثُهَا[40]. مَنَعَتْهَا « مُنْذُ » الْقِدْمَةَ[41]، وَ حَمَتْهَا « قَدُ » الأَزَلِیَّةَ، وَ جَنَّبَتْهَا « لَوْ لاَ » التَّكْمِلَةَ[42]. فَرَّقَ بَیْنَ قَبْلٍ وَ بَعْدٍ لِیُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَ لاَ بَعْدَ. إِفْتَرَقَتْ فَدَلَّتْ عَلی مُفَرَّقِهَا، وَ تَبَایَنَتْ فَأَعْرَبَتْ عَنْ مُبَایِنِهَا[43]. بِهَا تَجَلَّی صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ، وَ بِهَا احْتَجَبَ عَنِ الرُّؤْیَةِ وَ[44] امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُیُونِ، وَ إِلَیْهَا تَحَاكَمَ الأَوْهَامُ، وَ فیهَا أُثْبِتَتِ الْعِبْرَةُ، وَ مِنْهَا أُنیطَ الدَّلیلُ، وَ بِالْعُقُولِ یُعْتَقَدُ التَّصْدیقُ بِاللَّهِ، وَ بِالاِقْرَارِ یَكُونُ الإیمَانُ بِهِ. لاَ دینَ إِلاَّ بِمَعْرِفَةٍ، وَ لاَ مَعْرِفَةَ إِلاَّ بِتَصْدیقٍ، وَ لاَ تَصْدیقَ إِلاَّ بِتَجْریدِ التَّوْحیدِ، وَ لاَ تَوْحیدَ إِلاَّ بِالاِخْلاَصِ، وَ لاَ إِخْلاَصَ مَعَ التَّشْبیهِ، وَ لاَ نَفْیَ مَعَ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، وَ لاَ تَجْریدَ إِلاَّ بِاسْتِقْصَاءِ النَّفْی كُلِّهِ. لِأَنَّ إِثْبَاتَ بَعْضِ التَّشْبیهِ یُوجِبُ الْكُلَّ، وَ لاَ یُسْتَوْجَبُ كُلُّ التَّوْحیدِ بِبَعْضِ النَّفْی دُونَ الْكُلِّ، وَ الإِقْرَارُ نَفْیُ الإِنْكَارِ، وَ لاَ یُنَالُ الاِخْلاَصُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الاِنْكَارِ. كُلُّ مَا فِی الْخَلْقِ مِنْ أَثَرٍ لاَ یُوجَدُ فی خَالِقِهِ، وَ كُلُّ مَا یُمْكِنُ فیهِ یَمْتَنِعُ فی صَانِعِهِ[45]. لاَ یَجْری عَلَیْهِ السُّكُونُ وَ الْحَرَكَةُ، وَ لاَ یُمْكِنُ فیهِ التَّجْزِئَةُ وَ لاَ الاِتِّصَالُ[46]. وَ كَیْفَ یَجْری عَلَیْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ، وَ یَعُودُ فیهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ، وَ یَحْدُثُ فیهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ؟. إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ، وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ، وَ لامْتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَ لَمَا كَانَ لِلأَزَلِ مَعْنیً إِلاَّ مَعْنَی [صفحه 97] الْحَدَثِ، وَ لاَ لِلْبَارِئِ مَعْنیً إِلاَّ مَعْنَی الْمَبْرُوءِ[47]، وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ[48] وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ، وَ لالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ[49] لَزِمَهُ النُّقْصَانُ. وَ كَیْفَ یَسْتَحِقُّ اسْمَ الأَزَلِ مَنْ لاَ یَمْتَنِعُ مِنَ الْحَدَثِ، وَ كَیْفَ یَسْتَأْهِلُ الدَّوَامَ مَنْ تَنْقُلُهُ الأَحْوَالُ وَ الأَعْوَامُ، وَ كَیْفَ یُنْشِئُ الأَشْیَاءَ مَنْ لاَ یَمْتَنِعُ مِنَ الإِنْشَاءِ؟[50]. وَ إِذاً لَقَامَتْ آیَةُ الْمَصْنُوعِ فیهِ، وَ لَتَحَوَّلَ دَلیلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَیْهِ، وَ لاقْتَرَنَتْ صِفَاتُهُ بِصِفَاتِ مَا دُونِهِ، لَیْسَ فی مَجَالِ الْقَوْلِ حُجَّةٌ، وَ لاَ فِی الْمَسْأَلَةِ عَنْهُ جَوَابٌ[51]. خَرَجَ بِسُلْطَانِ الاِمْتِنَاعِ مِنْ أَنْ یُؤَثِّرَ فیهِ مَا یُؤَثِّرُ فی غَیْرِهِ. اَلَّذی لاَ یَحُولُ وَ لاَ یَزُولُ، وَ لاَ یَجُوزُ عَلَیْهِ الأُفُولُ. لَمْ یَلِدْ فَیَكُونَ مَوْلُوداً، وَ لَمْ یُولَدْ فَیَصیرَ مَحْدُوداً، جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الأَبْنَاءِ، وَ طَهُرَ عَنْ مُلاَمَسَةِ النِّسَاءِ. لاَ تَنَالُهُ الأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ، وَ لاَ تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ، وَ لاَ تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتَحُسَّهُ، وَ لاَ تَلْمِسُهُ الأَیْدی فَتَمَسَّهُ، وَ لاَ یَتَغَیَّرُ بِحَالٍ، وَ لاَ یَتَبَدَّلُ فِی الأَحْوَالِ، وَ لاَ تُبْلیهِ اللَّیَالی وَ الأَیَّامُ، وَ لاَ یُغَیِّرُهُ الضِّیَاءُ وَ الظَّلاَمُ، وَ لاَ یُوصَفُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الأَجْزَاءِ، وَ لاَ بِالْجَوَارِحِ وَ الأَعْضَاءِ، وَ لاَ بِعَرَضٍ مِنَ الأَعْرَاضِ، وَ لاَ بِالْغَیْرِیَّةِ وَ الأَبْعَاضِ. وَ لاَ یُقَالُ: لَهُ حَدٌّ وَ لاَ نِهَایَةٌ، وَ لاَ انْقِطَاعٌ وَ لاَ غَایَةٌ، وَ لاَ أَنَّ الأَشْیَاءَ تَحْویهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْویهِ، أَوْ أَنَّ شَیْئاً یَحْمِلُهُ فَیُمیلَهُ أَوْ یُعَدِّلَهُ. لَیْسَ فِی الأَشْیَاءِ بِوَالِجٍ، وَ لاَ عَنْهَا بِخَارِجٍ. یُخْبِرُ لاَ بِلِسَانٍ، وَ لَهَوَاتٍ، وَ یَسْمَعُ لاَ بِخُرُوقٍ وَ أَدَوَاتٍ، یَقُولُ وَ لاَ یَتَلَفَّظُ[52] وَ یَحْفَظُ وَ لاَ یَتَحَفَّظُ، وَ یُریدُ وَ لاَ یُضْمِرُ، وَ یُحِبُّ وَ یَرْضی مِنْ غَیْرِ رِقَّةٍ، وَ یُبْغِضُ وَ یَغْضَبُ مِنْ غَیْرِ مَشَقَّةٍ. [صفحه 98] یَقُولُ لِمَا أَرَادَ كَوْنَهُ: « كُنْ » فَیَكُونُ، لاَ بِصَوْتٍ یُقْرَعُ، وَ لاَ بِنِدَاءٍ یُسْمَعُ، وَ إِنَّمَا كَلاَمُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَ مَثَّلَهُ، لَمْ یَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً، وَ لَوْ كَانَ قَدیماً لَكَانَ إِلهاً ثَانِیاً. لاَ یُقَالُ: « كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ یَكُنْ »، فَتَجْری عَلَیْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ، وَ لاَ یَكُونُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَهُ[53] فَصْلٌ، وَ لاَ لَهُ عَلَیْهَا فَضْلٌ، فَیَسْتَوِیَ الصَّانِعُ وَ الْمَصْنُوعُ، وَ یَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ وَ الْبَدیعُ. خَلَقَ الْخَلاَئِقَ عَلی غَیْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَیْرِهِ، وَ لَمْ یَسْتَعِنْ عَلی خَلْقِهَا بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. وَ أَنْشَأَ الأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَیْرِ اشْتِغَالٍ، وَ أَرْسَاهَا عَلی غَیْرِ قَرَارٍ، وَ أَقَامَهَا بِغَیْرِ قَوَائِمَ، وَ رَفَعَهَا بَغَیْرِ دَعَائِمَ، وَ حَصَّنَهَا مِنَ الأَوَدِ وَ الاِعْوِجَاجِ، وَ مَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ وَ الاِنْفِرَاجِ. أَرْسی أَوْتَادَهَا، وَ ضَرَبَ أَسْدَادَهَا، وَ اسْتَفَاضَ عُیُونَهَا، وَ خَدَّ أَوْدِیَتَهَا، فَلَمْ یَهِنْ مَا بَنَاهُ، وَ لاَ ضَعُفَ مَا قَوَّاهُ. هُوَ الظَّاهِرُ عَلَیْهَا بِسُلْطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ، وَ هُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ، وَ الْعَالی عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْهَا بِجَلاَلِهِ وَ عِزَّتِهِ. لاَ یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ مِنْهَا[54] فَیَطْلُبَهُ[55]، وَ لاَ یَمْتَنِعُ عَلَیْهِ فَیَغْلِبَهُ، وَ لاَ یَفُوتُهُ السَّریعُ مِنْهَا فَیَسْبِقَهُ، وَ لاَ یَحْتَاجُ إِلی ذی مَالٍ فَیَرْزُقَهُ. خَضَعَتِ الأَشْیَاءُ لَهُ، وَ ذَلَّتْ[56] مُسْتَكینَةً لِعَظَمَتِهِ، لاَ تَسْتَطیعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلی غَیْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَ ضَرِّهِ، وَ لاَ كُفْؤٌ لَهُ فَیُكَافِئَهُ، وَ لاَ نَظیرٌ لَهُ فَیُسَاوِیَهُ. هُوَ الْمُفْنی لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، حَتَّی یَصیرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا. وَ لَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَ اخْتِرَاعِهَا. وَ كَیْفَ وَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمیعُ حَیَوَانِهَا، مِنْ طَیْرِهَا وَ بَهَائِمِهَا، وَ مَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وَ سَائِمِهَا، وَ أَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا[57] وَ أَجْنَاسِهَا، وَ مُتَبَلَّدَةِ أُمَمِهَا وَ أَكْیَاسِهَا، عَلی إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ، مَا قَدَرَتْ عَلی إِحْدَاثِهَا، وَ لاَ عَرَفَتْ كَیْفَ السَّبیلُ إِلی إیجَادِهَا، وَ لَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فی عِلْمِ ذَلِكَ وَ تَاهَتْ، وَ عَجِزَتْ قُواهَا وَ تَنَاهَتْ، وَ رَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسیرَةً، عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ فی إِبْدَائِهَا، مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ [صفحه 99] إِنْشَائِهَا، مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا. وَ إِنَّ اللَّهَ[58] سُبْحَانَهُ یَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْیَا وَحْدَهُ وَ لاَ شَیْ ءَ مَعَهُ، كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ یَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا، بِلاَ وَقْتٍ وَ لاَ مَكَانٍ، وَ لاَ حینٍ وَ لاَ زَمَانٍ. عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الآجَالُ وَ الأَوْقَاتُ، وَ زَالَتِ السِّنُونَ وَ السَّاعَاتُ، فَلاَ شَیْ ءَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، الَّذی إِلَیْهِ مَصیرُ جَمیعِ الأُمُورِ. بِلاَ قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا، وَ بِغَیْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا، وَ لَوْ قَدَرَتْ عَلَی الاِمْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا. لَمْ یَتَكَأَّدْهُ[59] صُنْعُ شَیْ ءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَهُ، وَ لَمْ یَؤُدْهُ مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَهُ وَ بَرَأَهُ[60]. وَ لَمْ یُكَوِّنْهَا لِتَشْدیدِ سُلْطَانٍ، وَ لاَ لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ، وَ لاَ لِلاِسْتِعَانَةِ بِهَا عَلی نِدٍّ مُكَاثِرٍ، وَ لاَ لِلاِحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ، وَ لاَ لِلاِزْدِیَادِ بِهَا فی مُلْكِهِ، وَ لاَ لِمُكَاثَرَةِ شَریكٍ فی شِرْكِهِ، وَ لاَ لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یَسْتَأْنِسَ إِلَیْهَا. ثُمَّ هُوَ یُفْنیهَا بَعْدَ تَكْوینِهَا، لاَ لِسَأْمٍ دَخَلَ عَلَیْهِ فی[61] تَصْریفِهَا وَ تَدْبیرِهَا، وَ لاَ لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَیْهِ، وَ لاَ لِثِقَلِ شَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهِ. لاَ یُمِلُّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَیَدْعُوهُ إِلی سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا، وَ لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ دَبَّرَهَا بِلُطْفِهِ، وَ أَمْسَكَهَا بِأَمْرِهِ، وَ أَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِهِ. ثُمَّ یُعیدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَیْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَیْهَا، وَ لاَ لاسْتِعَانَةٍ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا عَلَیْهَا، وَ لاَ لانْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلی حَالِ اسْتِئْنَاسٍ، وَ لاَ مِنْ حَالِ جَهْلٍ وَ عَمیً إِلی حَالِ عِلْمٍ وَ الْتِمَاسٍ، وَ لاَ مِنْ فَقْرٍ وَ حَاجَةٍ إِلی غِنیً وَ كَثْرَةٍ، وَ لاَ مِنْ ذُلٍّ وَ ضَعَةٍ إِلی عِزٍّ وَ قُدْرَةٍ. لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَلِیُّ الْعَظیمُ. كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ وَ ضَلُّوا ضَلاَلاً بَعیداً، وَ خَسِرُوا خُسْرَاناً مُبیناً. وَ صَلَّی اللَّهُ عَلی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ الطَّاهِرینَ[62]. [صفحه 100]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی بَطَنَ[1] خَفِیَّاتِ الأُمُورِ، وَ دَلَّتْ[2] عَلَیْهِ أَعْلاَمُ الظُّهُورِ، وَ امْتَنَعَ عَلی عَیْنِ الْبَصیرِ[3]، فَلاَ عَیْنُ مَنْ لَمْ یَرَهُ تُنْكِرُهُ، وَ لاَ قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ یُبْصِرُهُ[4].
صفحه 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 100.
و نسخة الآملی ص 209. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 242.